موقع مقالة نت
اهم المقالات التي تهم القارئ العربي

الأونروا :”إسرائيل” ترغب في تصفية قضية اللاجئين.. وإعمار غزة يحتاج لعقود

0 7

قال عدنان أبو حسنة المتحدث الإعلامي باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن قطاع غزة يعيش كارثة إنسانية لم يعرفها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أن القطاع يحتاج لعشرات السنين كي يتم ترميم الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

كما اعتبر، من جهة أخرى، أن سلطات الاحتلال ترغب بتصفية الأونروا ومعها قضية اللاجئين الفلسطينيين، مشيرا إلى أن مئات الآلاف من النازحين يعيشون داخل “دفيئة صناعية” في مدينة رفح، نتيجة الحرارة المرتفعة والازدحام الشديد والحصار الذي تفرضه إسرائيل على معبر رفح.

وقال أبو حسنة، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “الأوضاع الإنسانية في غزة مأساوية وخطيرة للغاية، حيث تم تدمير المباني والاتصالات وخطوط المياه ومحطات التحلية والطرق لشكل ممنهج (من قبل قوات الاحتلال)، والأمر أشبه بزلزال حقيقي، لكن من صنع البشر”.

وأضاف “هناك 37.5 مليون طن من الركام حتى الآن، ويتطلب إزالتها سنوات طويلة، كما أن إعادة إعمار قطاع غزة تحتاج لعشرات السنوات، وهناك أيضا ألغام وأسلحة لم تنفجر وتحتاج لأربعة عشر عاما لإزالها، حسب مصادر للأونروا”.

عمود فقري إغاثي

وتشكل وكالة الأونروا وفق أبو حسنة العمود الفقري الإغاثي في قطاع غزة، حيث تقدم “مساعدات إنسانية تتعلق بمتطلبات الحياة اليومية، فضلا عن الأدوية وقوارير المياه، والوقود لتشغيل ما تبقى من محطات تحلية المياه والمستشفيات ومؤسسات الأونروا وعرباتها والنقل اللوجستي أيضا لمنظمات الأمم المتحدة”.

لكنها تواجه صعوبات كبيرة في عملها، وتتعلق بـ”قلة المواد التي تدخل للقطاع يوميا، فمتوسط ما تم إدخاله من شاحنات الشهر الماضي هو 120 شاحنة فقط، ورغم ذلك فهو أفضل من الشهور الماضية، ولكن هناك إشكالية في إيصال هذه المساعدات إلى شمال قطاع غزة لأن إسرائيل ما زالت تمنع الأونروا من العمل في شمال القطاع”.

وأضاف أبو حسنة “الاحتياج الإنساني كبير جدا، ولا يتعلق فقط ببعض علب الفول والبازلاء والتونا والمياه المدنية (التي تقدمها الوكالة)، وهناك انهيار كبير في الأوضاع الصحية، فنحن نتحدث عن مئات الآلاف من الإصابات المختلفة بالتهاب الكبد الوبائي والالتهابات الرئوية والمعدية والسحايا. كما أن الوضع الصحي يزداد خطورة في فصل الصيف بسبب نقص المياه الصالحة للشرب وللاستخدام الآدمي”.

وتابع بالقول: “5 في المئة من سكان قطاع غزة استشهدوا أو جرحوا في هذه الحرب، ولو كنا نتحدث عن دولة عدد سكانها 40 مليون مثلا، فهذا يعني أن هناك 2 مليون قتيل وجريح، وهو العدد الأكبر من القتلى والجرحى منذ الحرب العالمية الثانية، وحدث هذا خلال فترة زمنية قصيرة وفي منطقة جغرافية صغيرة، بالإضافة إلى أن هناك مئات الآلاف من الفلسطينيين أصبحوا مصابين باضطرابات عقلية ونفسية ويحتاجون لعقود للعودة لطبيعتهم”.

وتابع: “ومع ارتفاع درجات الحرارة والازدحام الشديد، يعيش مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين في “دفيئة صناعية” في مدينة رفح. وهناك أيضا قضية الأمن الغذائي. فحوالي 31 في المئة من الأطفال شمال قطاع غزة و28 في المئة جنوبه يعانون من سوء التغذية، وهم يولدون قصار القامة وناقصي الوزن. كما أن الأمهات ليس لديهن القدرة على إرضاع أطفالهن. فضلا عن وجود مئات الآلاف من مرضى السرطان والكلى، والذين يحتاجون لعمليات جراحية عاجلة وهؤلاء يعانون بصمت بعدما تم نسيانهم”.

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي سيطرت، الثلاثاء، على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، ومنعت دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

الأمهات لا يستطعن إرضاع أبنائهن

ومن جهة أخرى، أكد أبو حسنة أن قوات الاحتلال سبقت أن استهدفت مقرات الأونروا في الحروب السابقة، و”لكن ليس بهذه الكثافة التي حدثت بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث دمرت إسرائيل حوالي 160 مقر للأونروا، وهناك 182 من زملائنا قتلوا، كما تم قتل 420 من النازحين في مراكز الأونروا بعد قصفها من الجيش الإسرائيلي، رغم أننا نرفع العلم الأزرق، وهذه الأماكن يفترض أن تكون محصنة دوليا، كما أننا نقدم إحداثيات مراكزنا للجانب الإسرائيلي مرتين يوميا (صباحا ومساء)، ولكن للأسف لا يتم احترام هذا الأمر من قبل إسرائيل”.

كما أشار إلى أن “الهجمة السياسية والإعلامية الإسرائيلية على الأونروا كانت موجودة دوما، ولكن أصبحت اليوم أكثر كثافة، وهي تهدف لتصفية الأونروا وقضية اللاجئين الفلسطينيين. وهي هجمات سياسية بامتياز ولا علاقة لها بقضية “حيادية الأونروا” والتحقيق في الادعاءات الإسرائيلية بمشاركة بعض موظفي الأونروا في أحداث 7 أكتوبر (والتي فندتها اللجنة الأممية). القضية واضحة وهي أن إسرائيل تريد إزالة الأونروا من طريقها وتعتبر أنها عقبة، رغم أن الأمم المتحدة هي التي أنشأت دولة إسرائيل عام 1948 والأونروا أيضا”.

عودة تمويل الأونروا

وعلقت 16 دولة تمويلها للأونروا بعد الادعاءات الإسرائيلية بمشاركة 12 من موظفي الأونروا في أحداث أكتوبر، لكن أغلب هذه الدول تراجعت عن قرارها وعادت لتمويل الوكالة بعدما تأكدت من زيف الادعاءات الإسرائيلية.

وعلق أبو حسنة بالقول: “هذه الدول رأت أنه لا بديل عن الأونروا، وهي شريان حياة للاجئين وغيرهم في قطاع غزة ولا يمكن الاستغناء عنها. كما أنها أدركت أن الحملة على الأونروا تجاوزت قضية التحقيقات أو موضوع الحيادية، وبعض صدور التقرير الأممي (الذي برأ الأونروا من الادعاءات الإسرائيلية)، أعادت ألمانيا تمويلها وهي ثاني أهم مانح للأونروا، ولكن هناك دول على غرار الولايات المتحدة وبريطانيا والنمسا وإيطاليا لم تفعل ذلك، ونأمل أن يتم استعادة كامل التمويل قريبا”.

وتوجه أبو حسنة برسالة إلى مجتمع الدولي، قال فيها: “يجب أن يكون هناك وقف لإطلاق نار في هذه الحرب المجنونة. فالناس في قطاع غزة هم بشر يبكون ويفرحون وطاقتهم محدودة، وقد تم تدمير أحلامهم ومستقبلهم وماضيهم وحاضرهم، وهم يستحقون فترة من الهدوء وإعادة بناء الذات وإعادة بناء قطاع غزة”.

وأضاف: “نأمل أن يقوم المجتمع الدولي بإنقاذ ما تبقى من غزة، لأن الذي حدث يفوق كل تصور، فغزة تحتاج لعشرات السنين كي تعود كما كانت قبل أحداث أكتوبر، وهذا يتطلب تضافر جهود دولية كبيرة، ولا وقت لتضييعه. فالأبرياء في غزة هم من يدفعون الثمن”.

اضف تعليق