موقع مقالة نت
اهم المقالات التي تهم القارئ العربي

قراءة حول موقف قانون المعاملات المدنية العماني من القانون الواجب التطبيق على المسؤولية التقصيرية في العلاقات ذات العنصر الأجنبي

0 7

أثير- د.خالد عبدالفتاح خليل و د.بدر المسكري – جامعة السلطان قابوس –كلية الحقوق

من المعلوم أن معظم التشريعات، ومنها قانون المعاملات المدنية العماني، تتخذ من القانون المحلي، أو قانون مكان وقوع الفعل المنشئ للالتزام، ضابطًا للإسناد في مجال المسؤولية غير التعاقدية ويصدق ذلك على الفعل الضار الذي تترتب عليه المسئولية التقصيرية.

ويجد ذلك مبرره في تطبيق قانون الدولة على الوقائع التي تحدث على إقليمها، حيث يسرى قانون هذه الدولة على كافة الوقائع التي تحدث على أرضها، إعمالًا لحق الدولة في كفالة الأمن والاستقرار لكافة الأشخاص المقيمين عليها.

كذلك يعبر مكان وقوع الضرر عن التوقعات المشروعة لأطراف المسؤولية، بتطبيق القانون المحلي على الوقائع التي تحدث على إقليم الدولة. كما يؤدي تطبيق قانون مكان وقوع الفعل الضار إلى عدم إمكانية تحلل مرتكب الخطأ أو الإثم الجنائي من المسؤولية، ذلك أن اللجوء للقانون المحلي يمهد الطريق أمام المضرور إلى الاختيار ما بين الدعوى الجنائية والدعوى المدنية، من أجل الحصول على التعويض عن الضرر الذي أصابه. أضف إلى ذلك أن تطبيق قانون مكان وقوع الضرر يعبر عن التركيز المكاني للعلاقة المطروحة ، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الفعل المنشئ للالتزام هو محل ميلاد العلاقة محل النزاع .

وتنص المادة 22/1 من قانون المعاملات المدنية العماني رقم 29/2013 على أنه (يسرى على الالتزامات غير التعاقدية قانون البلد الذي وقع فيه الفعل المنشئ للالتزام). ويستفاد من هذا النص أن القاعدة العامة هي إسناد العمل الناشئ عن الواقعة القانونية إلى قانون البلد الذي حدث على إقليمه.

غير أننا نرى أن على المشرع العماني أن يضع خيارات أخرى أمام أطراف المسؤولية لتحديد القانون الملائم في هذا الإطار ، وبالرغم من عدم وجود علاقة سابقة بين المضرور والشخص المسئول ، إلا أنه يمكنهما الاتفاق على تطبيق آخر غير قانون مكان وقوع الفعل الضار وذلك بعد وقوع الضرر، وقبل اللجوء للقضاء ، ونجد تطبيقًا لذلك في بعض التشريعات مثل القانون الدولي الخاص البلجيكي لعام 2004 ، وكذلك الحال في القانون الدولي الخاص التونسي لعام 1998 ، والذي أجاز للأطراف بعد حدوث الضرر الاتفاق صراحة على تطبيق قانون القاضي ، شريطة أن تكون المنازعة مطروحة أمام قاضي أول درجة ، حيث لا يمكن للأطراف في مجال الفعل الضار توقع وقوع الفعل الضار مسبقًا ولا يمكن لهم توقع من هو المضرور ومن هو المسؤول عن وقوع الضرر كما لا يمكن توقع طبيعة الضرر.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك اتجاها في فقه القانون الدولي الخاص انتقد هـذا الرأي لعدة أسباب منها أن قواعد المسؤولية التقصيرية الناشئة عن العمل غير المشروع (الفعل الضار) هي قواعد آمرة؛ لذلك لا يمكن إعمال قانون الإرادة بشأنها. وكذلك توجد هناك صعوبة عملية في أن يتفق المضرور والمتسبب في الضرر على اختيار قانون معين؛ حيث يسعى المضرور لاختيار القانون الذي يمنحه تعويضًا مرتفعًا، بينما يسعى الشخص المسؤول إلى اختيار القانون الذي يحد من مبلغ التعويض.

ونجد كذلك أن بعض الفقه قد انتقد منح الأفراد حرية الاختيار في المسئولية التقصيرية؛ حيث إنه يضفي على مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق طابعًا شخصيًا وليس طابعًا موضوعيًا وهـو ما قد يصطدم مع أحد أهم أهداف القانون الدولي الخاص وهو تحقيق اليقين والأمان القانوني؛ إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية اختيار الأطراف للقانون الواجب التطبيق.

وعلى ذلك نقترح التفكير في أن يضاف إلى المادة 22 من قانون المعاملات المدنية العماني (ويجوز لأطراف المسئولية الاتفاق صراحة على تطبيق قانون آخر قبل طرح المنازعة على القضاء) وهنا نكون أمام خيار لأطراف المسئولية مضمونه اللجوء لقانون آخر يحقق توقعاتهم المشروعة، ويسهم بشكل فعال في تعويض الضرر الذي لحق بالمصاب، بما يضمن تحقيق العدالة في العلاقات الخاصة ذات الطابع الدولي.

اضف تعليق